فصل: تفسير الآية رقم (4):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أيسر التفاسير لأسعد حومد



.تفسير الآية رقم (40):

{قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا فَهُمْ عَلَى بَيِّنَتٍ مِنْهُ بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا إِلَّا غُرُورًا (40)}
{أَرَأَيْتُمْ} {السماوات} {آتَيْنَاهُمْ} {كِتَاباً} {بَيِّنَةٍ} {الظالمون}
(40)- قلْ يَا مُحَمَّدُ لِهؤلاءِ المُشْرِكينَ: أَخْبِرُونِي، أَيُّها المُشْرِكُونَ بِاللهِ، عَنْ شُرَكَائِكُمُ الذِينَ تَدْعُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ، مِنَ الأَصْنَامِ والأَوْثَانِ: أَيُّ شيءٍ خَلَقُوهُ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَمِنَ الأَرْضِ، أَوْ مِنَ البَشَرِ وَالمَخْلُوقَاتِ حَتَّى استَحَقُّوا أَنْ يَكُونُوا آلِهَةً تَعْبُدُونَهُمْ؟ أَمْ لَهُمْ شَرِكَةٌ مَعَ اللهِ فِي خَلْق السَّمَاوَاتِ حَتَّى اسْتَحَقُّوا مَا زَعَمْتُمْ؟
أَمْ أَنَّ الله أَنْزَلَ عَلَيهِمْ كِتَاباً يَقُولُ لَهُمْ فِيهِ إِنَّ اللهَ تَعَالى اتَّخَذَ هذِهِ المَعْبُودَاتِ شُرُكَاءَ لَهُ فِي الأُلُوهِيَّةِ، فَكَانَ ذَلِكَ الكِتَابُ حُجَّةً لِلْمُشْرِكِينَ عَلَى أَنَّ مَعْبُودَاتِهِمْ لَهَا شَرِكَةٌ مَعَ اللهِ؟ وَفِي الحَقِيقَةِ إِنَّهُمْ إِنَّما اتَّبَعُوا فِي ذَلِكَ أَهْوَاءَهُمْ، وَأَمَانِيِّهُم التِي تَمَنَّوها لأَنْفُسِهِمْ، وَهِيَ غُرُورٌ وُبَاطِلٌ وَزورٌ.
أَرَأَيْتُم شُرَكَاءَكُمْ- أَخْبِرُوني عَنِ شُرَكَائِكُمْ.
أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ- بَلْ أَلَهُمْ شَركَةٌ مَعَ اللهِ فِي الخَلْقِ.
غُرُوراً- خِدَاعاً وَبَاطِلاً.

.تفسير الآية رقم (41):

{إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (41)}
{السماوات}
(41)- إِنَّ اللهَ تَعَالى بِقُدْرَتِهِ العَظِيمَةِ جَعَلَ السَّمَاوَاتِ والأَرْضَ مُسْتَقِرَّةً، تَسيرُ فِي أَفْلاكِها بِانْتِظَامٍ وَهُدوءٍ، وَقُدْرَتُهُ تَعَالى هِيَ التِي تَمنَعُها مِنَ الاضْطِرَابِ وَالخُرُوجِ عَنْ مَسَارَاتِها، والانفلاتِ في الفَضَاءِ عَلَى غَيرِ هُدَى. وَإِذا أَشْرَفَتْ عَلَى الزَّوَالِ، مَا اسْتَطَاعَ أَحَدٌ غَيْرُ اللهِ أَنْ يُمْسِكَها، وَهُوَ تَعَالَى مَعَ عَظيمِ قُدْرَتِهِ، وَوَاسِعِ سُلْطَانِهِ، حَلِيمٌ غَفورٌ يَرَى عِبَادَهُ يَعْصُونَهُ، وَيَكْفُرُونَ بِهِ، فَيَحْلُمُ عَلَيهِمْ، وَيُؤَخِّرُ عِقَابَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَتُوبُونَ إِليهِ فَيَغْفِرَ لَهُمْ، وَيَتَجَاوَزَ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ.

.تفسير الآية رقم (43):

{اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا (43)}
{سُنَّتَ} {لِسُنَّتِ}
(43)- وَلَمْ يَزِدْهُمْ مَجِيءُ الرَّسُولِ إِلاّ اسْتِكْبَاراً فِي الأَرْضِ عَنِ اتِّبَاعِ آياتِ اللهِ، وَمَكَرُوا بِالنَّاسِ مَكْراً سَيِّئاً فَصَدُّوهُمْ عَنْ سَبيلِ اللهِ، وَالمَكْرُ السَّيِّئُ لا تَعُودُ نَتَائِجُهُ وَعَوَاقِبُهُ إِلا عَلَى أَصْحَابِهِ أَنْفُسِهِمْ.
فَهَلْ يَنْتَظِرُ هؤلاءِ المُشْرِكُونَ إِلا أَنْ يُنْزِلَ اللهُ بِهِمْ نِقْمَتَهُ وَعَذَابَهُ، جَزَاءً لَهُمْ عَلَى كُفْرِهِمْ، وَمَكْرِهِمْ، وَتَكْذِيبِهِمْ رَسُولَ رَبِّهمْ، كَمَا أَنْزَلَ نِقْمَتَهُ وَعَذَابَهُ بِمَنْ سَبَقَهُمْ مِنَ المكذِّبينَ؟ وتِلْكَ سُنَّةُ اللهِ في كُلِّ كَافرٍ مُسْتَكْبِرٍ مُكَذِّبٍ، ولا تبديلَ لِسُنَّةِ اللهِ، وَلا تَحوِيلَ لها، فَلَنْ يَجْعَلَ الرَّحْمَةَ موضعَ العذابِ، ولنْ يُحوِّلَ العَذَابَ مِنْ شَخْصٍ إِلى آخرَ.
وَمَكْرُ السَّيءِ- والمَكْرُ السَّيءُ- وهوَ هنا الكَيدُ للرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم.
لا يَحِيقُ- لا يُحِيطُ أو لا يَنْزِلُ.
فَهَلْ يَنْظُرُونَ- فما يَنْتَظِرُونَ.
سُنَّةُ الأولينَ- سُنَّةُ اللهِ فِيهِمْ بِتَعْذِيبِهِمْ لِتَكْذِيبِهِمْ رُسُلَ رَبِّهِمْ.

.تفسير الآية رقم (44):

{أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا (44)}
{عَاقِبَةُ} {السماوات}
(44)- أَوْ لَمْ يَسِرْ هؤُلاءِ المُشْرِكُونَ المُكَذِّبُونَ مِنْ قَوْمِكَ يَا مُحَمَّدُ في الأَرْضِ التِي أًهْلَكْنا أَهْلَها بِسَبَبِ كُفْرِهِمْ وَتَكْذِيِبِهم رُسُلَ رَبِّهم، أثناءَ رِحْلاتِهم في تِجَارَاتِهم، فينظروا كَيْفَ أَهْلَكْنَا المُكَذِّبينَ السَّالِفِينَ، وَدَمَّرْنَا عَليهم تَدْميراً، وَلَمْ نَتْرُكْ لَهُمْ مِنْ بَاقيةٍ؟ وَكَانَ أُولئِكَ السَّالِفُونَ أَكْثَرَ قُوَّةً مِنْ مُشْرِكِي قومِكَ فكانَ حَرِيّاً بِمُشْرِكِي قُريشٍ أَنْ يَتَّعِظُوا بِمَا رَأَوْه، وأَنْ يَزْدَجِرُوا عِمَّا هُمْ فِيهِ مِنَ الْكُفْرِ والطُّغْيَانِ والتَّكْذِيبِ. واللهُ تَعالى لا يُعجزُه إِدراكُ شيءٍ في السَّمَاواتِ أَوْ في الأَرْضِ، لذَلِكَ فإِنَّ هؤلاءِ لا يُمْكِنُ أَنْ يَفُوتُوا اللهَ، ولا أَنْ يُفْلِتُوا منْ عِقَابِهِ، إِنْ أَرَادَ إهْلاكَهُم وَعِقَابَهم. وَهُوَ يَعْلَمُ مَنْ يَسْتَحِقُّ أن تُعَجَّلَ لَهُ العُقُوبَةُ، فَيُعَجِّلُهَا لَهُ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهِ اسْتِعْدادٌ للتَّوْبَةِ، فَيَؤخِّرُهُ لِيَتُوبَ، وَهُوَ قَادِرٌ عَلى الانْتِقَامِ مِمَّنْ شَاءَ، وَعَلَى هِدَايَةِ مَنْ شَاءَ إلى الإِيمانِ.

.تفسير الآية رقم (45):

{وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا (45)}
(45)- وَلوْ أَنَّ اللهَ تَعَالى عَاقَبَ النَّاسَ عَلَى جَميعِ ذُنُوبِهِمْ في الدُّنيا لأَهْلَكَ جَمِيعَ أَهْلِ الأَرْضِ، وَمَا يَمْلِكُونَ مِنْ أرْزَاقٍ وَدَوَابَّ، وَلَكِنَّهُ تَعَالى يَدِّخِرُ مُؤَاخَذَتَهُمْ إِلى أجَلٍ مَسَمَّى، هُوَ يَوْمُ القَيَامة، فَيُحَاسِبُهُم عَلَى أَعْمَالِهِمْ وَيَجْزِي كُلَّ عَامِلٍ بعملهِ. وَهُوَ تَعَالى بَصِيرٌ بأَعْمَالِ العِبَادِ وَبما اكْتَسَبُوا مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ لا يَغيبُ عَنْهُ مِنْهُ شَيءٌ.

.سورة يس:

.تفسير الآية رقم (1):

{يس (1)}
{يَاسِين}
(1)- اللهُ أَعْلَمُ بِمُرَادِهِ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّ يَاسِينَ تَعني يَا إِنْسَانُ.

.تفسير الآية رقم (2):

{وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (2)}
{القرآن}
(2)- أُقْسِمُ بِالقُرآنِ المُحْكَمِ المُشْتَمِلِ عََلى الحِكْمَةِ والعِلْمِ النَّافِعِ، الذي لا يَأْتِيهِ البَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ.

.تفسير الآية رقم (3):

{إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (3)}
(3)- إِنَّكَ يَا مُحَمَّدُ مِنَ المُرْسَلِينَ مِنَ اللهِ إِلَى النَّاسِ بِالهُدَى وَدِينِ الحَقِّ.

.تفسير الآية رقم (4):

{عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (4)}
{صِرَاطٍ}
(4)- الذِينَ أَوْحَى اللهُ تَعَالَى إِلَيْهِمْ دِيناً قَيِّماً، وَشَرْعاً مُسْتَقِيماً هُوَ الإِسْلامُ للهِ تَعَالَى.

.تفسير الآية رقم (5):

{تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (5)}
(5)- إِنَّ هَذَا الدِّينَ الذي جِئْتَ بِهِ هُوَ مُنَزَّلٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ القَوِيِّ الغَالِبِ لِكُلِّ شَيءٍ (العَزِيزِ)، الرَّحِيمِ بِعِبَادِهِ إِذْ أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ رَسُولاً يَدْعُوهُمْ إِلى الهُدَى.
(وَتَنْزِيلَ مَنْصُوبٌ عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرٌ أَيْ نُزِّلَ تَنْزِيلاً).

.تفسير الآية رقم (6):

{لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ (6)}
{آبَآؤُهُمْ} {غَافِلُونَ}
(6)- إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ لِتُنْذِرَ قَوْمَكَ العَرَبَ، الذينَ لَمْ يَأْتِهِمْ نَذِيرٌ قَبْلَكَ، فَهُمْ سَاهُونَ فِي غَفْلَةٍ عَنْ مَعْرِفَةِ الأَدْيَانِ والشَّرَائِعِ.

.تفسير الآية رقم (7):

{لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (7)}
(7)- لَقَدْ سَبَقَ فِي عِلْمِنَا الأَزَلِيِّ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَخْتَارُونَ الإِيْمَانَ، وَلا يُصَدِّقُونَ بَرَسُولِهِمْ، فَوَافَقَ وَاقِعُهُمْ مَا عَلِمْنَاهُ عَنْهُمْ، فَلَنْ يُؤْمِنُوا.
لَقَدْ حَقَّ القَوْلُ- لَقَدْ ثَبَتَ وَوَجَبَ العِقَابُ.

.تفسير الآية رقم (8):

{إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ (8)}
{أَعْناقِهِمْ} {أَغْلالاً}
(8)- إِنَّا جَعَلْنَا هؤُلاءِ الذِينَ قَدَّرْنَا أَنَّهُمْ مِنَ الأَشْقِيَاءِ لا يُؤْمِنُونَ، كَمَنْ جُعِلَ فِي عُنُقِهِ قَيْدٌ (غِلٌّ)، فَجُمِعَتْ يَدَاهُ إِلى عُنُقِهِ تَحْتَ ذَقْنِهِ، فَصَارَ مُقْمَحاً لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُطأطِئَ رَأَسَهُ، وَهَكَذَا فَإِنَّ هَؤُلاءِ مَغْلُولُونَ عَنْ كُلِّ خَيْرٍ نَافِعٍ.
المُقَمَحُ- الرَّافِعُ رَأسَهُ إِلَى الأَعْلَى وَهُوَ غَاضُّ البَصَرِ.
الأًغْلالُ- قُيُودٌ تُشَدَّ بِهَا الأَيْدِي إِلَى الأَعْنَاقِ.

.تفسير الآية رقم (9):

{وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ (9)}
{فَأغْشَيْنَاهُمْ}
(9)- وَزَينَّا لَهُمْ سُوءَ عَمَلِهِمْ، فَأْعْجِبُوا بِهِ، وَرَفَضُوا الخُضُوعَ لِمَا جَاءَهُمْ بِهِ الرَّسُولُ، فَمَثَلُهُمْ مَثَلُ مَنْ أَحَاطَ بِهِ سَدَّانِ، مِنْ أَمَامِهِ، وَمِنْ خَلْفِهِ، فَحَجَبَا عَنْهُ الرُّؤْيَةَ، فَهُوَ لا يُبْصِرُ شَيئاً مِمَّا حَوْلَهُ.
سَدّاً- حَاجِزاً مَانِعاً.
فأغْشَيْنَاهُمْ- فَأَلْبَسْنَا أَبْصَارَهُمْ غِشَاوَةً تَحْجُبُ عَنْهُمُ الرُّؤْيَةَ الوَاضِحَة.

.تفسير الآية رقم (10):

{وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (10)}
{أَأَنذَرْتَهُمْ}
(10)- وَهؤُلاءِ الذينَ حَقَّ عَلَيْهِم القَوْلُ إِنَّهُمْ لا يُؤْمِنُونَ، سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرتَهُم وَخَوَّفْتَهُمْ مِنْ عِقَابِ اللهِ تَعَالَى وعَذَابِهِ، أَوْ تَرَكْتَهُمْ دُونَ إِنْذَارٍ، فَإِنَّ الله تَعَالَى طَبَعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ، لأَنَّ نُفُوسَهُمْ قَدْ خَبُثَتْ، واسْتِعْدَادَهُمْ للهِدَايَةِ قَدْ سَاءَ.

.تفسير الآية رقم (11):

{إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ (11)}
(11)- إِنَّمَا يَنْتَفِعُ بإِنْذَارِكَ الذِينَ يَتَّبِعُونَ القُرْآنَ، وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ فِي أَعْمَالِهِمْ، حِينَ لا يَطَّلِعُ عَلَيْهِمْ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللهِ، اعْتِقَاداً مِنْهُمْ أَنَّ اللهَ تَعَالَى يَرَاهُمْ، وَيُرَاقِبُ أَعْمَالَهُمْ (بالغَيْبِ)، فَبَشِّر هَؤُلاءِ المتَّبِعِينَ أَحْكَامَ الدِّين، الخَائِفِينَ مِنْ عِقَابِ اللهِ، بِمَغْفِرَةٍ مِنْ عِقَابِ اللهِ، بِمَغْفِرَةٍ، وَعَفْوٍ مِنْ عِنْدِ اللهِ لِذُنُوبِهِمْ، وَأَجرٍ وَاسِعٍ كَرِيمٍ مِنَ اللهِ.

.تفسير الآية رقم (12):

{إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ (12)}
{آثَارَهُمْ} {أَحْصَيْنَاهُ} {نُحْيِي}
(12)- إِنَّ اللهَ تَعَالَى يُحْيِي المَوْتَى جَمِيعاً يَوْمَ القِيَامَةِ، وَيَبْعَثُهُمْ مِنْ قُبُورِهِمْ، وَيَكْتُبُ مَا عَمِلُوا فِي حَياتِهِم الدُّنْيا مِنَ الأَعْمَالِ، لِيُحَاسِبَهُمْ عَلَيْهَا، وَيُسَجِّلَ عَلَيْهِمْ مَا تَرَكُوْا مِنْ أَثَرٍ حَسَنٍ أَوْ سَيِّئٍ خَلَّفُوهُ فِي الدُّنْيَا.
(فَمَثَلُ الأَثَرِ الحَسَنِ: عِلمٌ عَلَّمُوهُ، أَوْ مُسْتَشْفَىً بَنَوْهُ لِيَنْتَفِعَ بِهِ خَلْقُ اللهِ، أَوْ مَدْرَسَةٌ أَنشْؤُوهَا لِيَتَعَلَّمَ فِيهَا أبنَاءُ الأُمَّةِ. وَمَثَلُ الأًثَرِ السَّيِّئِ: أَحْقَادٌ زَرَعُوهَا فِي المُجْتَمَعِ، وَفِتَنٌ وَضَلالاتٌ ابْتَدَعُوهَا فَأَخَذَ بِهَا النَّاسُ).
وَجَاءَ فِي الحَدِيثِ: «مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيءٌ. وَمَنْ سَنَّ سُنةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ وَلا يَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيءٌ» ثُمَّ تَلا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم هَذِهِ الآيَةَ: {وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ}. رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ.
وَقِيلَ أيضاً إنَّ المُرَادَ بِآثَارِهِمْ هُوَ آثَارُ خُطَاهُمْ إِلى الطَّاعَةِ والمَعْصِيَةِ.
وَرَوَى جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: «خَلَتِ البِقَاعُ حَوْلَ المَسْجِدِ فَأَرَادَ بَنُو سَلَمَةَ أَنْ يَنْتَقِلُوا قُرْبَ المَسْجِدِ فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَهُمْ: إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَنْقُلُوا قُرْبَ المَسْجِدِ قَالُوا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ قَدْ أَرَدْنَا ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُمْ صلى الله عليه وسلم: يَا بَنِي سَلَمَةَ دِيَاركُمْ تَكْتبُ آثَاركُمْ، دِيَاركُمْ تكْتبُ آثَاركُم. فَلَمْ يَنْتَقِلُوا». أَخْرَجَهُ ابْنُ أبي حَاتِمٍ وَالتِّرْمذيُّ.
وَجَمِيعُ مَا فِي الكَوْنِ مِنْ أَشْيَاءَ وَمَخْلُوقَاتٍ، وَجَميِعُ مَا يَعْمَلُهُ البَشَرُ مَسْطُورٌ فِي كِتَابِ اللهِ، وَهُوَ أُمُّ الكِتَابِ.